لا يريد لخطته التي رسمها للوصول إلى هدفه الكبير في ضم أخيه إليه ، واستقدام أبويه ، وحلّ المشكلة نهائيا بينه وبين إخوته أن تفشل ، مع ما يتضمن ذلك من معاناة كبيرة في الضغط على المشاعر وتحمّل المتاعب ، ولكنه ـ في الوقت نفسه ـ واجههم من موقعه الكبير ليحمّلهم المسؤولية كمجموعة ، لأنهم يتحملونها في العمق ، في تاريخهم معه ، وإن لم يكونوا مسئولين عن السرقة في ما دبر أمره. لقد أطلق الكلمة الصارخة التي تدينهم ، وتبعد أخاه ، كما تبعده ـ هو ـ عن مجرى اتهاماتهم ، (قالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً) في تفكيركم وعملكم ، فليس لكم أن تواجهوا المسألة بهذه الطريقة التي تحاولون ـ من خلالها ـ أن تلصقوا الشرّ بالآخرين ، وتبرّئوا أنفسكم منه (وَاللهُ أَعْلَمُ بِما تَصِفُونَ) في ما تتهمون به الآخرين.
* * *
خذ أحدنا مكانه
(قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ) ولا بأس بأن تتجاوز حرفيّة القانون نظرا للظروف الصعبة التي تحيط بهذا الأخ ، لأن له أبا شيخا يرتبط به ارتباطا عاطفيا قويا فوق مستوى العادة ، بحيث يشكل احتجازه بالنسبة له صدمة عنيفة قد تودي بحياته. فإذا كانت المسألة تمثل لديك حالة ثأر واقتصاص ، فمن الممكن أن يتحمل أحدنا المسؤولية عنه ، لأننا نمثل مجموعة واحدة ، إذا أساء أحدنا فكأن الآخرين أساءوا أيضا ، ولك على هذا الأساس أن تأخذ أيّ واحد منا ، فلا تتحمل أية مسئولية شرعية سلبية نتيجة ذلك ، (إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) الذين يتغلب فيهم جانب الرحمة على جانب الانفعال ، فيتحركون من مواقع الإحسان إلى من حولهم ، في ما يتمثل في سلوكهم من الرأفة واللطف ، ومراعاة الظروف المحيطة بكل قضية ، بكل واقعية وبكل مرونة وإخلاص.