المؤمن يبقى واثقا بالله في كل أموره مهما ضاقت عليه الأحوال ، ومهما تعقّدت من حوله الظروف ، (إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ) لأن اليأس من الفرج لا يخلو من أحد أمرين ، إما الشك بقدرة الله ، وإما الشك بعلمه ، لأن الذي يمنع من حل المشكلة هو العجز عنها ، أو عدم معرفة أبعادها ، وكلاهما كفر بالله ..
* * *
اليأس يوجب الكفر
وهذا ما قرّره الرازي في تفسيره حيث يقول : «واعلم أن اليأس من رحمة الله لا يحصل إلا إذا اعتقد الإنسان أن الإله غير قادر على الكمال ، أو غير عالم بجميع المعلومات ، أو ليس بكريم ، بل هو بخيل ، وكل من هذه الثلاثة يوجب الكفر ، فإذا كان اليأس لا يحصل إلّا عند حصول أحد هذه الثلاثة ، وكل واحد منها كفر ، ثبت أن اليأس لا يحصل إلا لمن كان كافرا ...» (١)
ومن خلال ذلك نعرف أن القرآن الكريم أراد أن يقتلع جذور اليأس من نفس الإنسان بإعادته إلى إيمانه لينطلق معه في وعي ويقظة كبيرين ، يجعلانه يشعر بالأمل الذي يتفجر من ينابيع الإيمان كمثل الشعاع المنسكب من قلب الشمس في روعة الشروق.
وبهذا يلتقي الإيمان بالأمل في وحدة رائعة تجعل الروح التي تشع أحدهما على الإنسان ، تشع على الآخر أيضا كما هي حال كل شيئين متلازمين في الوجود.
__________________
(١) الفخر الرّازي ، التفسير الكبير ، دار إحياء التراث العربي ، ط. الثالثة ، م : ٧ ، ج : ١٨ ، ص : ١٩٩.