له ، فإن الملك يؤكد في وعيهم ، مساندة الملائكة في مواجهة التحديات البشرية ، مما يضعف قوّة مواقفهم ، لأن البشر لا يستطيعون الثبات أمام قوّة الملك ، فيتصاغرون أمامه ، خضوعا لهذه القوّة العجائبيّة القادمة من السماء.
* * *
إنما أنت نذير
ولكن ذلك كله لا معنى له ، فلا بد للناس من أن يفهموا دور النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي يخطئ الناس في فهمه ، وينحرفون عن معناه ، فليس النبي شخصا قادما من الغيب ، أو متحرّكا في أجوائه ، وليس له من الغيب إلّا علاقة الوحي الذي لا يدرك الناس سرّه ، وبعض ما يثيره الله أمامه من معاجز أو معلومات غيبيّة ، يرى الله في تعرفه عليها الصلاح لهم ، ولذلك لا مجال للاستجابة إلى مقترحاتهم ، لأنها لا تمثل شيئا في حسابات المعرفة ، ولأن النبوّة حملت في داخلها عوامل قوّتها ، ولأن الاستجابة لهم تمثل تقريرا للخطأ الذي أقاموا عليه فهمهم لخط النبوّة وشخصيّة النبي ..
(إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ) ، بما تنذرهم به من عقاب الله في الدنيا والآخرة ، إذا تركوا الإيمان ، والتزموا بالكفر ، وتمردوا على الله. فإذا قمت بهذا الدور ، فقد قمت بمسؤوليتك خير قيام ولا ضير عليك في ما يتهامسون به بينهم ، أو في ما يثيرونه في الجوّ ضدّك من الإيحاء بضعفك في خطّ المواجهة ، لأن ذلك متروك لله سبحانه ، فهو المسيطر عليهم ، والوكيل على كل شيء يحيط بهم من قريب أو من بعيد ، (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ).
* * *