هل كان النبي يخضع للضعف؟
وهنا يمكن سؤال : ماذا تعني هذه الآية في تقييم شخصية النبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم فهل كان النبي يضعف أمام التحديات ، لتجيء هذه الآية وأمثالها من أجل أن تقوّي ضعفه ، أو تسند له موقفه ، أو تخفّف عنه أحزانه ، وتطيّب به نفسه ، وتزيل عنه آلامه؟ وهل جاءت في أجواء التأنيب الإلهي له ، أو ماذا؟.
والجواب عنه : إن الآية ليست في مورد الحديث عن الحالة الواقعية الفعلية التي كانت تحيط بموقف النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أو تمثل شخصيته ، بل كانت في مورد تقييم الطبيعة الموضوعية لما يمكن أن تثيره التحديات التعجيزية في الحالة الإنسانية من ضعف يبحث دائما عن الهروب ، مما يمكن أن يحطّم شخصيته أو يسيء إلى موقعه ، أو يتعقّد من ذلك ، فيتحول إلى مخلوق مختنق بأزمته ، وربّما كان هذا السبب هو السرّ في الإتيان بكلمة «لعلّ» التي توحي بإمكانيّة الموضوع ، لما تختزنه مثل هذه الأمور من نتائج على مستوى الانفعالات الإنسانية ، في مواجهة عوامل الإثارة.
وبذلك يمكن أن تكون الآية عاملا وقائيا يريد الله به حماية النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من الوقوع في مثل هذه التجربة ، أو الخضوع لهذا الانفعال ، أو تكون عملية إيحائية للعاملين ـ من خلال النبي ـ ألّا يستسلموا لهذه الحالة ، لو واجهوا مثلها ، انطلاقا من فهمهم لطبيعة الدور الذي أوكله الله إليهم من الدعوة إلى سبيله بالوسائل الواقعية المألوفة ، مما يجعلهم لا يعيشون الضعف في مواجهة هذه التحديات ، لأنهم لا يعتبرونها تحدّيا لدورهم أو لقدرتهم الطبيعيّة ، بل كان ما هنالك ، أنها التحدي لما يتوهمه أولئك من دور ، دون ارتكاز إلى علم أو إيمان.
* * *