تفرض القدرة المطلقة التي لا يعجزها شيء. هذا إذا كان المقصود بكلمة (مِنْ دُونِ اللهِ) الشركاء الذين يدعونهم من دون الله ، أما إذا كان المقصود بها كل من هو غير الله ، فيكون كناية عن كل من يملك القدرة على ردّ التحدّي عبر ما يملكه من معلومات ، لأن ذلك لا بد أن يكون ملحوظا في كل حالات التحدّي ، سواء أريد به التحدي بالبلاغة ، أم التحدي بجميع العناصر التي اشتمل عليها القرآن. فكما لا يمكن توجيه التحدّي لمن لا يعرف العربية ، كذلك لا يمكن توجيه لمن لا يعرف شيئا من أسرار الكون ، ومن معارف الحياة من الأميين ، أو الجاهلين ، الذين لم يأخذوا من أسباب العلم بشيء حتى القراءة والكتابة.
* * *
دليل الحقيقة
(فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ) لأنهم لا يملكون إمكانات الاستجابة للتحدي ، (فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللهِ) الذي لا يعجزه شيء ، مما يعجز الآخرون عن الوصول إليه ، فذلك هو الدليل الذي يؤدّي إلى اليقين بأن القرآن لم ينزل بعلم بشر كالنبي محمد صلىاللهعليهوآله أو سلم أو غيره ، بل نزل بعلم الله وحده.
والظاهر من وحدة السياق أن الخطاب للمؤمنين الذين يريد الله أن يقدم إليهم الدليل الواضح على ما آمنوا به ، من باب تقرير الحقيقة من خلال التجربة الحيّة الماثلة للعيان ، ويمكن أن يكون خطابا للمشركين بتقدير توجيه القول إليهم من قبل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي أمره الله بتوجيه التحدّي إليهم ، أي «فقل أو فقولوا» فأقام متعلق القول مقامه. (وَأَنْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) في ما تفرضه القدرة المطلقة التي يملكها دون غيره ، (فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) له بالتصديق به ، وبرسوله وبرسالته.
* * *