والمستقبل ، للإيحاء بارتباط الجانب العملي بالجانب العقيدي ، وامتداد أجواء الحياة الدنيا في خط الانحراف والاستقامة ، إلى الحياة الأخرى ، في خط الثواب والعقاب.
* * *
وضوح الإيمان
(أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ) في ما هيّأ الله له من وسائل المعرفة ، بحيث يملك وضوح الرؤية في العقيدة التي تجعل إيمانه يصدر عن قناعة وثبات ، (وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) أي ويتبعه شاهد يشهد له ، على صحة ذلك ، بالمستوى الذي لا يترك هناك مجالا للشك ، كأيّة قضيّة من القضايا التي تتأكد لدى المؤمنين من خلال الدلائل البيّنة ، والشهود الموثّقين. وقد اختلف المفسرون في شخصية هذا الذي كان على بيّنة من ربه ، هل هو رسول الله ، أو المؤمنون الذين كانوا معه ، أو جميع المؤمنين؟ واختلفوا كذلك في طبيعة هذه البينة ، هل هي القرآن ، أو العقل والوجدان ، أو شيء آخر غير ذلك؟ وكذلك في شخصية الشاهد هل هو القرآن ، أو جبرائيل ، أو الإمام علي ، أو غير ذلك من الاحتمالات؟
لقد تعددت الروايات حول هذه المسألة بالشكل الذي لا يمكن الركون إليها لخلل في سند بعضها ، وارتباك في مضمون بعضها الآخر ، ولا نجد في هذا المجال أوثق من عدم الخوض في ذلك ، لأن التفسير لا يختلف كثيرا في المعنى الأساس الذي تستهدفه الآية ، فقد يكفينا من المعرفة بذلك أن نفهم من الآية المقارنة ، بين من كان يعيش وضوح قضية الإيمان لديه ، مما هداه الله إليه بشكل قاطع ، فهو لا يحتاج إلى شيء آخر في زيادة المعرفة ، ويتبعه شاهد منه يؤكد هذه الحقيقة للآخرين ، سواء كان هذا الشاهد رجلا يملك المعرفة الكاملة للمسألة ، أم كتابا يشهد على صحة هذا الإيمان وصدقه أمام الآخرين ،