الانحراف يضع الحواجز بين الناس وبين الله
(الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) فيمنعون الناس من الانطلاق في الخطّ المستقيم ، (وَيَبْغُونَها عِوَجاً) فيريدون لهم أن يسيروا في الخط المنحرف الأعوج على مستوى العقيدة ، وعلى مستوى العمل ، بما يثيرونه من الشكوك والشبهات ، وبما يوجّهونه إليهم من تحديات ، أو يفرضونه عليهم من ضغوط نفسيّة أو جسديّة ، وهكذا يعلنون الحرب على الله في أكثر من جهة ، ويساهمون بذلك في إضلال الناس وإبعادهم عن الله ، فأيّة جريمة أفظع من هذه الجريمة ضد الله وضد الناس؟ إنك تمنع الخير عن نفسك عند ما تمنعها عن الاستجابة للهدى ، ولكنك لا تكتفي بذلك ، بل تعمل على أن تمنعه عن الناس ، فتسيء إلى قيمة الخير الصادر عن الله ، وإلى الناس جميعا. إنها صورة هؤلاء الذين يضعون الحواجز بين الناس وبين الله ، (وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ) فإن مظهر الإيمان بالآخرة هو مراقبة الله في كل موقف ، والخضوع لإرادته في كل مجال ، بينما يتمثل الكفر في التمرّد عليه في القول والعمل والموقف ، كأمثال هؤلاء (أُولئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ) لأنهم لا يملكون أيّة قوّة ذاتية بعيدا عما يريده الله لهم من القوّة ، ولكن الله يمهلهم ويؤخرهم إلى أجل مسمّى ، من خلال حكمته التي أودعها في الكون ، وأجرى عليها سننه ، في تسيير أمور الحياة على نهج معيّن. فإذا جاء الأجل الذي تنتهي إليه الفترة ، فإنه يأخذهم أخذ عزيز مقتدر ، ولن يعجزه أحد منهم ، مهما كانت قوّته.
* * *