هود في ذروة التحدي
ويبادر هود إلى إنهاء هذا الحوار الذي يدور في حلقة مفرغة ، بإعلانه موقفا يرسم الحد الفاصل بينه وبينهم ، ويميّز الحق من الباطل ، كيلا يظنوا أن في مقاطعته للحوار لونا من ألوان الضعف ، أو حالة من حالات التردّد ، أو نوعا من أنواع القناعة بما يقولون في الداخل مع إظهار الرفض له ، (قالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللهَ) الذي يطّلع على السرائر ، فيعرف حقيقة موقفي وما أؤمن به ، وما أرفضه ، (وَاشْهَدُوا) عليّ بإقراري الذي أعلنه أمامكم في ما أعتقده وأتحرّك فيه من خطّ ، (أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِهِ) بعبادتكم لهذه الأصنام التي ما أنزل الله بها من سلطان (فَكِيدُونِي جَمِيعاً) إذا كنتم تملكون قوّة الكيد لي والتآمر عليّ ، بأنواع الضغوط المختلفة القاهرة (ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ) أي لا تمهلوني لحظة واحدة ، وتلك هي ذروة التحدّي الرساليّ الصادق القويّ الذي يقف فيه النبيّ وحده أمام القوى الكافرة ليقول لهم : (فَكِيدُونِي جَمِيعاً) فيتصاغرون أمامه ولا يستطيعون مواجهة التحدي بمثله ، مما يوحي بأن الإنسان الذي يستمد قوته من ربّه ومن عناصر القوّة في شخصيته ، ثم يقف أمام الناس ، ليثير أمامهم حقيقة ذلك بتصميم ، يستطيع أن يهزم موقف الآخرين ويدخل الرعب فيهم.
* * *
المؤمنون والحرب النفسية
وهذا ما يحتاجه الدعاة والمجاهدون في سبيل الله ، من استثارة الإحساس بالقوة الفاعلة في داخلهم ، لينطلقوا منها في مواجهة من يحاولون استعراض عضلاتهم وتوظيف ذاك الاستعراض في حرب الأعصاب ، ليهزموا المؤمنين نفسيا قبل الدخول في المعركة الفاصلة ، ولذلك فإن من المفروض على العاملين أن يقتحموا الساحة بأسلحة الحرب النفسية ، وذلك بالإعلان عن