القوّة الروحية القادرة على الثبات والاستمرار في حمل الرسالة والجهاد في سبيلها لتبقى للموقف قوته ، وللرسالة دورها في حركة الحياة ، في وعي الأعداء والأصدقاء معا ، وفي تعميق إحساس الدعاة بهذا الإمداد الروحي الذي يعيشه المؤمن مع شعوره بالاستسلام الكلّي لله ورعايته ، فلا يشعر بالضعف أمام الآخرين ، ولا بالخوف أمام المجهول ، كنتيجة للتوكل في العقيدة.
* * *
لا قوة لأحد إلا بإذن الله
وهذا ما أراد هود تأكيده أمام قومه من خلال موقفه : (إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ) ، فهو مصدر القوة في الحياة لأنه مصدر حياة كل حيّ ، وهو المهيمن على كل شيء ، فلا تستطيعون إضراري إذا لم يأذن الله بذلك ، لأنكم لا تملكون القوّة الذاتية ، ولا يملكها أحد من خلقه. (ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها) في ما يحمله الأخذ بالناصية ـ وهي أعلى الجبهة ـ من معنى كنائي ، يفيد السيطرة على الأمر كله من جميع جوانبه. وهذا ما يوحي بحماية الإنسان المتوكل على الله بوعي داخلي ، من كل سوء (إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) في ما تمثله عقيدة الإيمان من قاعدة ، وفي ما تتحرك به شريعته من خطّ ونهج ، للفكر وللسلوك معا ، ولهذا فإنني سأظل سائرا في هذا الخط المستقيم ، ولن أنحرف عنه تحت تأثير أي ضغط أو تهديد ، أو طمع أو شهوة ، مما تحاولون إثارته أمامي بأساليبكم المتنوّعة المليئة بالترغيب والترهيب ، لأنّ ذلك هو معنى الإيمان بالله الذي يجعل الحياة ، بكل آفاقها وساحاتها ، تبدأ منه وتنتهي إليه.
* * *
تحفّظ على فكرة
وقد حاول بعض المفسرين أن يجعل من التحدّي الذي أطلقه هود في