وليعلموا بطاعته ، ويسيروا على هداه ، (وَلا تَضُرُّونَهُ شَيْئاً) لأنه الغني عن عباده في طاعتهم ومعصيتهم ، فلا تنفعه طاعة من أطاعه ، ولا تضرّه معصية من عصاه ، بل هم الرابحون في طاعته ، والخاسرون في معصيته ، لأن الله لم يأمرهم إلا بما فيه صلاحهم ، ولم ينههم إلا عما فيه فسادهم ، (إِنَّ رَبِّي عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ) بما يوحيه ذلك من إحاطة بكل الأشياء علما وملكا وسيطرة ، ولذلك فلن يفلت أحد منه ، لأنه محيط بهم إحاطة الحافظ بالمحفوظ.
* * *
ونزل العذاب على عاد ونجي هود
... وجاء أمر الله ، ونزل العذاب ، وتساقط كل الذين كانوا يستعلون على الناس بالقوّة الكبيرة التي كانوا يملكون ، ويتمرّدون من خلالها على الله ورسله ورسالاته ، فإذا بهم أعجاز نخل خاوية ، فلا ترى لهم من باقية ، وبقيت الحياة ، لمن كانوا دعاة إلى الإيمان بالله ، والعاملين في سبيله ، لأنهم خدموا الحياة من موقع ارتباطها بالله ، والتزامها برسالته.
(وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا) في ما يرحم الله به عباده المؤمنين ، مما يحيطهم به من ألطافه ، ويرعاهم به من حنانه وعطفه (وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ) مما أنزله الله على قومه من الكافرين.
* * *
لا عذر للضعفاء في الاستسلام لواقعهم
(وَتِلْكَ عادٌ جَحَدُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ) وتلك هي قصة العذاب الذي ينزله الله بعباده نتيجة لأسباب تستدعيه ، فإن الله يعذب الجاحدين بآياته ، العاصين رسله بعد إقامة الحجة عليهم بما لا يدع لهم مجالا لريب أو لشبهة ، المستسلمين للجبابرة الطغاة المعاندين للحق ، في ما يأمرونهم به من الكفر والضلال ، فإذا وقفوا بين أمر الله ، وأمر هؤلاء ، تركوا