يفيدنا بأنهم كانوا أمّة من العرب على ما يدل عليه اسم نبيّهم ، وقد كان منهم ، نشأوا بعد قوم عاد ولهم حضارة ومدنيّة ، وكانوا يعمرون الأرض ، ويتخذون من سهولها قصورا ، وينحتون من الجبال بيوتا آمنين ، كما جاء في قوله تعالى : (وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ عادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِها قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) [الأعراف : ٧٤]. ومن شغلهم الفلاحة بإجراء العيون وإنشاء الجنّات والنخيل والحرث : (وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ) [الشعراء : ١٤٨].
* * *
ثمود تخاف على امتيازاتها
وقد كانوا يعيشون في ضلال الوثنيّة والشرك ، تحت تأثير ساداتهم وكبرائهم الذين كانوا يتحكمون بالتوجيه الفكري والعملي لأتباعهم ، ويوحون إليهم بأن طاعتهم هي السبيل الأقوم لنجاحهم وحصولهم على الخير والرشاد. ولذلك فإن المتتبّع لأصواتهم وأصوات أمثالهم لا يشعر بأنها تنطلق من حالة اقتناع ومعاناة ، بل يشعر أنها أصوات الآخرين المستكبرين الذين يوحون إليهم خرف القول غرورا. لذا كانت مشكلة هؤلاء مع الأنبياء أنهم يدعون إلى عبادة الله الواحد حيث تسقط كل الرموز البشرية وغير البشرية في الأرض ، فلا يبقى إلا وحيه ، ولا يحكم إلّا شرعه ، ولا يترك لأي بشري مجال الحصول على أي امتياز إلا من خلال عمله ، بينما كانت حياة هؤلاء متحركة من خلال الامتيازات التي فرضوها لأنفسهم ، وأقنعوا الآخرين باستحقاقهم لها بما يملكونه من مال أو قوّة أو جاه ، وفي ما كانوا يدّعونه لأنفسهم من حق الولاية على الناس لرعايتهم الأصنام ، ووكالتهم عنها ، إلى غير ذلك من الخرافات والأضاليل ، الأمر الذي يجعل صراعهم ضد الأنبياء صراعا من أجل حماية