مناقشة مع صاحب الميزان
وقد يكون هذا التفسير جميلا ، في ما يوحي به من ارتكاز الخط العقيدي ، والأخلاقي ، والعملي ، على قاعدة واحدة وهي التوحيد الخالص ، ولكننا لا نجد في سياق الآيات ما يدل على تعيينه ، كما لا نلاحظ في كلمتي الإحكام والتفصيل ما يوحي بذلك ، لأن المفسّر الجليل ، لاحظ في الآية المقابلة بين الكلمتين ، فاعتبر الإحكام في مقابل التفصيل ، مما يعني أن هناك شيئا مجموعا أريد تفصيله ، وذلك من خلال تواردهما على موقع واحد.
ولكننا نستقرب تفسير كلمة الإحكام بالإتقان في ما يريده الله من عدم وجود خلل في ترتيب هذه الآيات وتنظيمها ، ودلالتها على المعاني بوضوح كما يكون المراد من التفصيل ـ في ما يظهر ـ الأسلوب المبسّط الذي يعمل على توضيح الأفكار وتنويعها ، بطريقة واضحة لا مجال فيها للغموض والإبهام الحاصل من الإجمال في عرض الفكرة. وبذلك تكون الآية ـ والله العالم ـ واردة في سياق التعرّض للجانب الفني للآيات ، من حيث الشكل المتضمن في تركيب الكلمات وتأليفها ، بالمستوى الذي لا يوجد فيها أيّة ثغرة لجهة توازن الحركة الفنية وتكاملها ، ولجهة المحتوى ، الذي يتضمّن تفصيل الأفكار وتوضيحها ، في ما يريد القرآن أن يبلّغه للناس من أحكام ومفاهيم بالطريقة التي لا لبس فيها ولا خفاء.
وقد تكرّر الحديث في القرآن عن هاتين النقطتين ، للإيحاء بمدى ما يتوفر عليه من عناصر البلاغة التي تجمع إلى جانب التماسك والدقّة في الأسلوب ، الوضوح في العرض الحاصل من تفصيل الفكرة ... والله العالم بحقائق آياته.
* * *