نجد كبير فائدة في تناولها ما دام القرآن لا يريد أن يدخل في تفاصيلها ، لأن دور القصص القرآني هو إعطاء الدرس من مجمل القصة ولا يعطي للفكرة امتدادها الزمني ، مما يجعل القصة ترتبط بالجوانب العامة ، لا بالجوانب الخاصة ، (فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ) فلا يتعرّض لها في أي مكان أرادت أن ترعى من أرض الله ، لأن الله جعل لها الحرية في ذلك بما أوحاه إليّ ، (وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ) لأن لها عند الله حرمة كبيرة ، لكونها نموذج الآية المتحركة التي يرى الناس من خلال خصائصها الدليل على عظمة الله من جهة ، وصدق الرسول من جهة أخرى ، (فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ قَرِيبٌ) لأن معنى قتلها ، هو إعلان الحرب على الله ، والتمرّد على إنذاره ، ومواجهة الموقف الإلهي بالتحدي الذي يسخر من وعيد الرسول لهم بعذاب الله ، لإبطال مصداقية الرسالة في حركة المجتمع ، وتفرقة المؤمنين من حوله ، فضلا عن غير المؤمنين.
* * *
الرضى بالعمل يساوي المشاركة به
(فَعَقَرُوها) فكمن لها شخص منهم ، فضربها وقتلها ، بعد الاتفاق مع القوم ، فحمّلهم الله مسئولية ذلك جميعا ، لأن عامل الرضى يتساوى في النتيجة عند الله ، مع عامل المشاركة ، (فَقالَ تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ) لقد تحركت المسألة في خطّ القرار الحاسم الذي حدّد للعذاب موعدا ، بعد ثلاثة أيام ، لأن العذاب سنّة الله في الأمم السالفة ، عند ما ينزل آية على قوم فيجحدونها.
وربما اعتبر هؤلاء ، أن هذا الإنذار ليس جدّيا ، أو أنهم لم يثقوا بالموقع