معنى الآيات
من الغريب أن يذهب بعض المحققين من المفسرين ، إلى تفسير لفظ الآيات ، بالآيات الكونية المنتشرة في الآفاق ، فيكون المراد بالكتاب عندئذ هو الكون الذي يحتوي هذه الآيات. ويرى هؤلاء المفسرون في الآيات التالية دليلا على ذلك ، كونها تشتمل على تفصيل آيات الله في الكون ، من رفع السماوات بغير عمد ومدّ الأرض وتسخير الشمس والقمر ، وغير ذلك من الآيات الدالة على توحيد الله سبحانه ، الذي يفصح عنه القرآن الكريم وتندب إليه الدعوة الحقة.
ويتابع هذا المحقق قوله : «وعلى هذا يكون في الآية إشارة إلى نوعين من الدلالة ، وهما الدلالة الطبيعية التي تتلبّس بها الآيات الكونية من السماء والأرض وما بينهما ، والدلالة اللفظية التي تتلبّس بها الآيات القرآنية المنزّلة من عنده تعالى إلى نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم» (١).
ولكننا نلاحظ على هذا الكلام ، أن استعمال الكتاب تعبيرا عن الكون ، سواء كان بالاستعمال الصريح لدلالة اللفظ على المعنى ، أو بطريقة المجاز بلحاظ ما يشتمل عليه القرآن من الآيات الكونية ، ليس مألوفا في الاستعمالات القرآنية ، وبالتالي فهو خلاف الظاهر. كما أنّ السياق لا يؤكّد مثل هذا الاستعمال ، لأنه من الممكن أن يكون في هذه الآية ـ كما هو الظاهر ـ توجيه للإنسان إلى التأمل في آيات القرآن ليفهم جوانب الحق فيها في ما تشتمل عليه تلك الآيات
__________________
(١) الطباطبائي ، محمد حسين ، الميزان في تفسير القرآن ، مؤسسة الأعلمي ، بيروت ـ لبنان ، ط : ١ ، ١٤١١ ه ـ ١٩٩١ م ، ج : ١١ ، ص : ٢٨٧.