اللّامسؤول الذي يعني العبث بالمال والانحراف به عن دوره الوظيفي في حياة الإنسان ، فيشمل ـ من حيث الإيحاء ـ إنفاق المال في غير حقه وإن كان قليلا ، ولا يشمل إنفاق جميع ماله في الحق ، لأن خسرانه لماله يتضمن تعويضا مماثلا من خلال ما حصل عليه من منفعة للحق وللإنسان.
وهذا ما يريد الإسلام للإنسان أن يمتنع عنه ، لأنه يؤكد على عدم ذهاب شيء في الحياة بدون مقابل ، وهو ما يمثل مصلحة للحياة.
(إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ) لأنهم يلتقون بهم في الأساس الذي يرتكز عليه سلوكهم من اتباع الهوى ورفض العقل ، في ما يحركونه من طاقاتهم ، وما يخضعون له من شهواتهم ، الأمر الذي يبعدهم عن الله ، بابتعادهم عن خط الإيمان به وبتوحيده والاعتراف برسله ورسالاته ، وهذا ما يريدهم الشيطان أن يثيروه كخطّ شامل لكل جوانب الحياة عندهم. (وَكانَ الشَّيْطانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً) فهو يتحرك في مسار التمرد على الله ، وجحود نعمه ، والانحراف بالإنسان عن خط الالتزام العملي بطاعة الله ... وهكذا يريد الله أن يوحي بأن الانحراف العملي في أيّ مورد من الموارد حتّى المالية ، يمثل انحرافا عن خط الإيمان ، وليس مجرد حالة جزئية طارئة ، فهناك في السلوك العملي خطان : خط الله ، وخط الشيطان ، فإذا ابتعد عن خط الله ، ارتبط بخط الشيطان ، الأمر الذي يفرض على الإنسان ، المؤمن التدقيق في خطواته العملية ، ليعرف إلى أيّ الخطين تنتمي من خلال المدلول الإيماني للعمل ، وما يتضمنه من نقاط القوة والضعف.
(وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ) بحيث لا تنفق عليهم لأنك لا تملك مالا تستطيع أن تقدمه إليهم ، ولأنك تنتظر رزقا يمكنك من ذلك (فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُوراً) لينا لطيفا ، تفتح فيه قلوبهم على المستقبل الذي يعدهم بالخير ، وقد روي أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان لما نزلت هذه الآية إذا سئل ولم يكن عنده ما يعطي قال :