دؤاد للمعتصم : يا أمير المؤمنين! هذا يزعم ـ يعني أحمد بن حنبل ـ أنّ الله يُرى في الآخرة ، والعين لا تقع إلاّ على محدود ، والله لا يُحدّ. فقال : ما عندك؟! قال : يا أمير المؤمنين! عندي ما قاله رسول الله ؛ قال : وما هو؟! قال : حدّثني غندر ، حدّثنا شعبة ، عن إسماعيل ، عن قيس ، عن جرير ، قال : كنّا مع النبيّ في ليلة أربع عشرة ، فنظر إلى البدر فقال : إنّكم سترون ربّكم كما ترون هذا البدر لا تضامون في رؤيته.
فقال لابن أبي دؤاد : ما تقول؟! قال : انظر في إسناد هذا الحديث. ثمّ انصرف.
فوجّه إلى علي بن المديني ، وعلي ببغداد مُمْلِق ، ما يقدر على درهم ، فأحضره ، فما كلّمه بشيء حتّى وصَلَه بعشرة آلاف درهم ، وقال : هذه وصلك بها أمير المؤمنينرحمه الله وأمر أن يُدفع إليه جميع ما استحقّ من أرزاقه ، وكان له رزق سنتين ، ثمّ قال له : يا أبا الحسن! حديث جرير بن عبـدالله في الرؤية ما هو؟ قال : صحيح ، قال : فهل عندك عنه شيء؟ قال : يعفيني القاضي من هذارحمه الله قال : هذه حاجة الدهر. ثمّ أمر له بثيابٍ وطيبٍ ومركبٍ بسرجه ولجامه ، ولم يزل حتّى قال له : في هذا الإسناد من لا يُعمل عليه ولا على ما يرويه ...» (١).
وهذه القصّة مخلّة بعدالة الرجل كما هو واضح ، ولذا اضطرب الخطيب والذهبي وغيرهما كيف يجيبون عنها .. فراجع.
وأمّا ذِكر العقيلي له في الضعفاء ، فقد انزعج منه الذهبي بشدّةٍ ، فقال له : «أفما لك عقل يا عقيلي؟! أتدري في من تتكلّم؟!» قال : «وهذا أبو
___________
(١) تاريخ بغداد ١١ / ٤٦٦ ، سير أعلام النبلاء ١١ / ٥٢.