بل قال السبكي : «والذي أدركنا عليه المشايخ النهي عن النظر في كلامه ، وعدم اعتبار قوله ، ولم يكن يستجرئ أنْ يُظهر كتبه التاريخية إلاّ لمن يغلب على ظنّه أنّه لا ينقل عنه ما يعاب عليه» (١).
أقـول :
فمن كان هذا حاله مع علماء مذاهب السُـنّة من الحنفية والشافعية ، ومع غيرهم من المخالفين له في العقيدة أو الفروع ، كيف يرتجى منه أن يترجم للشيخ أبي جعفر الكليني الإمامي مثلاً بأكثر من ثلاثة أسطر؟!
ومن كان لا ينصف علماء المذاهب السُـنّية في التراجم ولا يذكرهم بخير ، كيف يرتجى منه أن لا يقول في حقّ الشيخ أبي جعفر الطوسي : «أعـرض عنـه الحفّـاظ لبدعتـه ، وكـان يعـدُّ من الأذكيـاء لا الأزكيـاء»؟! ولا يقول في حقّ الشيخ محمّـد بن النعمان المفيد : «قيل : بلغت تواليفه مئتين ، لم أقف على شيء منها ولله الحمد»؟!
هذا في كتابه سير أعلام النبلاء ، وتجد الأفظع من ذلك في حقّ الإماميّة وأئمّتهم في سائر كتبه أيضاً.
وأمّا طعنه في رواتهم في كتابه ميزان الاعتدال لأجل كونهم شيعة لعليٍّ وأهل البيت عليهم السلام ، فلا يمكن حصره ولا وصفه ...
بل إنّ الرجل من أشدّ الناس ميلاً عن أهل البيت ، ومن أميلهم إلى بني أُميّة وأتباعهم ... وقد حقّقنا ذلك في كتابنا الانتقاء من سير أعلام النبلاء.
___________
(١) طبقات الشافعية ٢ / ١٣ ـ ١٤.