ووقع هذا النصّ بيد عبـدالله أفندي ، فنقله في رياض العلماء ، مشتبهاً بأنّ الشهيد الأوّل قد نقله عن معجم البلدان ، بينما هو منقولاً عن معجم الأُدباء ..
فما ذكره الحموي ـ بموجب نقل الشهيد الأوّل ـ هو التالي :
يحيى بن أبي طيّ أحمد ابن طائي الحلبي : أحد من يتأدّب ويتفقّه (١) على مذهب الإماميّة وأُصولهم ، وله تصانيف في أنواع العلوم ..
قال : حدّثني والدي رحمه الله : كان لا يعيش لي ولد ، وكنت أُربّيهم إلى سبع أو خمس ثمّ يموتون ، ولقد بُشّرت بخمسة وعشرين ولداً فخفت (٢)بهم ، وكنت أُكثر الابتهال إلى الله تعالى في أن يرزقني ولداً ويمنّ علَيّ بحياته.
ثمّ ماتت الزوجة فرأيت في النوم كأنّني قد دخلت إلى مسجد عظيم ، فيه جماعة أعرفهم من الحلبيّـين ، فسلّمت عليهم ، فقام إليّ رجل منهم ، فأخذ بيدي ، ثمّ أجلسني في زاوية من زوايا المسجد وناولني ريحانة لم أرَ أذكى ريحاً منها ، فلمّا حصلت الريحانة في يدي إذا هي قد أظهرت ورداً ، فجعلت أتعجّب من حسنه وذكاء رائحته ، فذبلت منه وردة وسقطت فحزنت لها ، فقال لي الرجل : ليهنئك أن لن تفقد غيرها.
فقلت للرجل : من أنت أسعدك الله؟!
فقال : سالم.
فاستيقظت وأنا فرح ، فعبّرت المنام ، فقلت : الريحانة : زوجة صالحة ، والورد الذي لها : أولاد ، والوردة التي ذهبت : ابني وأفقد أحدهم ،
____________
(١) في الأعيان : تأدّب وتفقّه.
(٢) في الأعيان : فجعت. والظاهر أنّها أصحّ.