واسم الرجل سالم : بشارة بسلامة الأولاد الذي يأتوني في ما بعد.
وفي تلك الأيّام تزوّجت ابنة الفقيد المغربي أبي منصور محمّـد بن أبي عبـدالله البختري الطائي ، ورُزِقْتُ منها ولداً سمّيته عليّاً ، فعمّر سنة وأيّاماً ثمّ مات ، فعظم به مصابي ويئست من الولد ، ثمّ لم يبعد الزمان حتّى تبيّن لي حمل الزوجة ، فأشفقت من ذلك واهتممت (١) ، ولازمت الدعاء في كلّ صلاة ، وكان قد بلغني أنّه إذا أراد الإنسان طلب الولد ، قال في جوف الليل في دعاء الوتر قبل الركوع :
«ربّ لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين ، ربّ هب لي من لدنك ذرّيّةً طيّـبة ، إنّك سميع الدعاء ..
اللّهمّ لا تذرني فرداً وحيداً مستوحشاً فيقصر شكري عند تفكّري ، بل هب لي من لدنك ديناً (٢) ، وعقباً ذكوراً وإناثاً ، أسكن إليهم في الوحشة ، وآنس بهم في الوحدة ، وأشكرك عند تمام النعمة ..
يا وهاب! يا عزيز! يا عظيم! اعطني في كلّ عافية منّاً منك ، وارزقني خيراً حتّى أنال منهم (٣) رضاك عنّي في صدق الحديث ، وشكر النعمة ، والوفاء بالعهد ، إنّك على كلّ شيء قدير».
وكنت أُلازم ذلك ، فلمّا كان أوائل شوّال ، رأيت بعد أن صلّيت وِرْديـوكنت يومـئذٍ أنام تحت السماء مـن القيـظ (٤) ـ كأنّ إنساناً خرج مـن الحائط ، حتّـى وقف من خلفي من جهة الشمال ، ثمّ استفتح فقرأ :
____________
(١) في الأعيان : فاغتممت.
(٢) في الأعيان : أنيساً. والظاهر أنّها أصحّ.
(٣) في الأعيان : منتهى. والظاهر أنّها أصحّ.
(٤) في الأعيان : السماء لزمن القيظ.