تشـييد المراجَعـات وتفنيد المكابَـرات (١٩) |
|
السـيد عليّ الحسيني الميلاني
ثالثاً ـ ضوابط الجرح والتعديل عند أهل السُـنّة :
وبعد أنْ عرفنا أصحّ الكتب عند القوم وآراء المحقّقين من علمائهم في اعتبار أخبارها ووثاقة رواتها ، وعرفنا أشهر أئمّتهم في الجرح والتعـديل ، ووقفنا على ما جاء في تراجمهم ، رأينـا من اللازم أنْ نـتعرَّضـولو بالإجمالـإلى الضوابط والقواعد التي على أساسها جرحوا أو وثّقوا الرجال.
والحقيقة أنّ آراءهم في ضوابط التوثيق والجرح متضاربة جدّاً ، بل قد تجد الواحد منهم يناقض نفسه ، فليس عندهم قواعد مستندة إلى الشرع والعقل ، يرجعون إليها ويعتمدون عليها في قبول الرواية عن الرجال وردّها.
وقد صرّح بهذه الحقيقة بعض المحقّقين المعاصرين حين قال مستدلاًّ بكلامٍ للذهبي : «كلام الإمام الذهبيـوهو العارف الخبير بهذه الصنعة ـيدل على أنّ التصحيح والتضعيف في غير ما حديثٍ أمر اجتهادي ، تختلف فيه الأنظار ولا يمكن البتُّ فيه» (١).
____________
(١) راجع هامش الصفحة ٢٣٩ من الجزء ١٤ من سير أعلام النبلاء.