المحدِّث» فإنّه «كان يعلّم الغناء ، ويتّخذ القيان ، ظاهرٌ أمرُه» (١).
فكم هو الفرق بين ترك الرواية عمّن سمع صوت آلة الطرب من بيته ، وبين الرواية عمّن يعلّم الناس الغناء ـ وربّما يأخذ على ذلك الأُجور ـ ويتّخذ القيان ، وهو بكلّ ذلك مشهور؟!
* كان لا يجيز قول من لا يشرب النبـيذ :
وهذا ما حكوه عن ابن أبي ليلى (٢) ، مفتي الكوفة وقاضيها ، وهو عجيب جدّاً ، فهبْ أنّه كان يرى حلّـية النبيذ ، مع رواية الفريقين عن النبيّ صلّى الله علـيه وآله وسلّم : «ما أسـكر كـثيره فقليـله حرام» (٣) ولكنْ كيف لا يجيز قول من لا يشربه؟!
* الزهري يعمل لبني أُميّة ، والأعمش مجانب للسلطان :
وإذا كان الدخول في أعمال الظلمة وما يحمله من الأوزار والآثام مخلاًّ بالعدالة (٤) ، فإنّ محمّـد بن شهاب الزهري ، الذي يُعدُّ من أكبر أئمّة القوم في الفقه والحديث ، كان من عمّال بني أُميّة ، بل جاء عن خارجة بن مصعب : «قدمت على الزهري وهو صاحب شرط بني أُميّة ، فرأيته ركب وفي يديه حربة وبين يديه الناس في أيديهم الكافركوبات. فقلت : قبّح الله
____________
(١) سير أعلام النبلاء ٥ / ٣٧٠ رقم ١٦٧.
(٢) سير أعلام النبلاء ٦ / ٣١٢.
(٣) أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما ، وهو في وسائل الشيعة.
(٤) لاحظ : تاريخ بغداد ١٠ / ٢٩٤ بترجمة أبي القاسم عبـد الرحمن بن المحسن الأسـدي القاضي ، ولاحظ : سير أعلام النبلاء ٩ / ٢٦ بترجمة حفص بن غياث القاضـي.