«النسق تبعٌ للأوّل على طريق الشركة» (١) ، وهو بيان لحقيقة التابع الخاص ، ومراده : أنّ اللفظ المعطوف تابع للمعطوف عليه ؛ بسبب اشتراكهما في العامل.
وحدّه ابن بابشاذ (ت ٤٦٩ هـ) بقوله : «النسق هو الجمع بين الشيئين أو الأشياء بواسطةٍ في اللفظ والمعنى ، أو في اللفظ دون المعنى ... فواسطة اللفظ والمعنى أربعة أحرف : الواو ، والفاء ، وثـمّ ، وحتّى ، وواسطة اللفظ دون المعنى ستّة : أو ، وإمّا ، وبل ، وأم ، ولكن ، ولا» (٢).
فمثلاً (الواو) في قولنا : قام زيدٌ وبكرٌ ، تُشرّك بين زيدٍ وبكرٍ في الإعراب والمعنى ؛ لأنّها تثبت القيام لهما معاً ، بخلاف (أو) في قولنا : قامَ زيدٌ أو عمروٌ ؛ فإنّه يُشـرك بـينهما في الإعـراب فقط دون المعنـى ؛ إذ إنّـه لا يثبت القيام لهما معاً ، بل لأحدهما غير المعيّن ، دون الآخر ، وكذلك (بل) في قولنا : قام زيدٌ بل بكرٌ ، فإنّها تثبت القيام لبكر ، وتنفيه عن زيدٍ.
وقال الزمخشري (ت ٥٣٨ هـ) في تعريفه : «هو نحو قولك : جاءَني زيدٌ وعمروٌ ، وكذلك إذا نصبت أو جررت ، بتوسّطِ الحرفِ بين الاسمين ، فيشركهما في إعراب واحد» (٣).
وهو بظاهره قاصر عن استيعاب جميع أفراد المحدود ؛ لأنّه يقصر المعرَّفَ على عطف الاسم على الاسم ، دون عطف الفعل على الفعل ، والجملة على الجملة ، وإن كنّا نجزمُ بأنّ هذا ليس مراداً للزمخشري واقعاً.
____________
(١) الحدود في النحو ، الرمّاني ، ضمن كتاب رسائل في النحو واللغة ، تحقيق مصطفى جواد ويوسف مسكوني : ٣٩.
(٢) شرح المقدّمة المحسبة ، ابن بابشاذ ، تحقيق خالد عبـد الكريم ٢ / ٤٢٩.
(٣) المفصّل في علم العربية ، الزمخشري : ١٢٣.