كان ابن أبي دارم ـ المتوفّى سنة ٣٥١ ـ الاّ أنّه من ناحية العقيدة كان يعيش في تقيّةٍ عامّة دهره ، فلا يتظاهر بما يخالف عقيدة الجمهور ، حتّى آخر أيّام حياته ، فلمّا حضرته الوفاة روى : «إنّه عمر رفس فاطمة حتّى أسقطت بمحسن» ، وروى في قوله تعالى (وجاء فرعون ...) (١) : «جاء فرعون : عمر ، وقبله : أبو بكر ، والمؤتفكات : عائشة وحفصة» ومن هذا الوقت وصف بـ : «الرافضي الكذّاب» (٢).
أقـول :
أمّا كونه «رافضياً» فنعم ، وأمّا كونه «كذّاباً» فلماذا وقد شهدتم باستقامته عامّة دهره؟!
إنّ هذا من موارد تناقضات الذهبي أيضاً ؛ إذ نصّ في غير موضعٍ على أنّ الرفض غير مضرٍّ بالوثاقة ، وتبعه على ذلك ابن حجر في مقدّمة فتح الباري حيث يريد الدفاع عن كتاب البخاري ، لكنّهـهو الآخر ـ ناقض نفسه في مواضع كثيرة.
ولو أنّك راجعت ميزان الاعتدال والمغني في الضعفاء للذهبي ، لوجدته يجرح ويضعّف ـ لا سيّما في الثاني ـ كثيراً من الأعلام ورجال الحديث ، لا لشيء فيهم سوى التشيّع ..
وكذا ابن حجر في تهذيب التهذيب ولسان الميزان.
فما أكثر تناقضات القوم في كلّ باب!!
ولكنّ الله تعالى شاء أنْ يشتمل أصحّ كتب القوم على روايات ثلّةٍ من
____________
(١) سورة الحاقّة ٦٩ : ٩.
(٢) ميزان الاعتدال ١ / ١٣٩.