قالت فاطمة : فإنّ الله عزّ وجلّ رضي بذلك ، ورسوله رضي به ، وقسّم على الموالاة والمتابعة لا على المعاداة والمخالفة ، ومن عادانا فقد عادى الله ، ومن خالفنا فقد خالف الله ، ومن خالف الله فقد استوجب من الله العذاب الأليم والعقاب الشديد في الدنيا والآخرة.
فقال عمر : هاتي بيّنة يا بنت محمّـد على ما تدّعين؟!
فقالت فاطمة عليه السلام : قد صدّقتم جابر بن عبـدالله وجرير بن عبـدالله ولم تسألوهما البيّنة! وبيّنتي في كتاب الله.
فقال عمر : إنّ جابراً وجريراً ذكرا أمر هيّناً ، وأنت تدّعين أمراً عظيماً يقع به الردّة من المهاجرين والأنصار!
فقالت عليها السلام : إنّ المهاجرين برسول الله وأهل بيت رسول الله هاجروا إلى دينه ، والأنصار بالإيمان بالله ورسوله وبذي القربى أحسنوا ، فلا هجرة إلاّ إلينا ، ولا نصرة إلاّ لنا ، ولا اتّباع بإحسان إلاّ بنا ، ومن ارتدّ عنّا فإلى الجاهلية» (١).
فها هي بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تمحّص عن الضابطة القرآنية في حسن الصحبة وسوئها ، وهي على الموالاة والمتابعة لرسول الله وأهل بيته لا المعاداة لهم والمخالفة ، وأنّ الهجرة تحقّقت بهم ، والنصرة بنصرة الله ورسـوله وذي القربى ، فلا هجرة إلاّ إليهم لا إلى غيرهم ، ولا نصرة إلاّ لهم لا عليهم ، ولا اتّباع بإحسان إلاّ باتّباع سبيلهم وصراطهم .. إهدنا الصراط المستقيم صراط الّذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالّين ، سبيل وصراط المطهّرين من المعصية والذنوب ، ومن الضلالة والجهل
____________
(١) الكشـكول في ما جرى على آل الرسـول : ٢٠٣ ـ ٢٠٥ ، وبحار الأنوار ٢٩ / ١٩٤ ح ٤٠ ، نقلاً عنه.