والعمى ..
ودلّلت على ذلك بأن قرن تعالى بين رسوله وبين ذي القربى في مواطن ، كما في اختصاص الخمس والفيءـالذي وصفه عمر بأنّه أمراً عظيماً ـ بالله ورسوله وذي القربى ، لمكان اللام ، دون اليتامى والمساكين وابن السبيل ، والتفرقة للدلالة على أنّ ملكية التصرّف هي شأنه تعالى ورسوله وذي القربى ، وأنّ مودّة ذوي القربى المفترضة في الكتاب كأجر لكلّ الرسالة هو موالاتهم ومجانبة عدائهم ومخالفتهم ، فمدار حسن الصحبة على ذلك وسوئها على خلافه.
ولقـد أنصف أحمد بن حنبل ؛ إذ يروي عنه الفقيه الحنبلي ابن قدامـة عند قوله : «وأمـا حمل أبي بكر وعمر (رض) على سهم ذي القربـى في سبيل الله ، فقد ذُكر لأحمد فسكت وحرّك رأسه ولم يذهب إليه ، ورأى أنّ قول ابن عبـاس ومن وافقه أَوْلى ؛ لموافقته كتاب الله وسُـنة رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ، فإنّ ابن عبـاس لمّا سئل عن سهم ذي القربى فقال : إنّا كنّا نزعم أنّه لنا فأبى ذلك علينا قومنا ؛ ولعلّه أراد بقوله (أبى ذلك علينا قومنا) فِعل أبي بكر وعمر (رض) في حملهما عليه في سبيل الله ومن تبعهما على ذلك ، ومتى اختلف الصحابة وكان قول بعضهم يوافق الكتاب والسُـنة كان أَوْلى ، وقول ابن عبـاس موافق للكتاب والسُـنة» (١).
وروى البخاري بسنده عن عائشة ، في كتاب المغازي باب ٣٨ باب غزوة خيبر : إنّ فاطمة عليها السلام بنت النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ممّا أفاء الله عليه بالمدينة وفدك وما بقي من
____________
(١) المغني ٧ / ٣٠١.