خمس خيبر ..
فقال أبو بكر : إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : إنّا لا نورّث ما تركناه صدقة ، إنّما يأكل آل محمّـد صلى الله عليه وآله وسلم من هذا المال ، وإنّي والله لا أُغيّر من صدقة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن حالها التي كانت عليه في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ولأعملنّ فيها بما عمل فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة شيئاً ، فوجدت فاطمة فهجرته ، فلم تكلّمه حتّى توفّيت ، وعاشت بعد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ستّة أشهر ، فلمّا توفّيت دفنها زوجها عليٌّ ليلاً ، ولم يؤذن بها أبو بكر ، وصلّى عليها (١).
ورواه مسلم في صحيحه بنفس ألفاظه ، وأحمد في مسـنده (٢).
وفي هذه الرواية التي هي من طرقهم (٣) ، ونظيراتها ممّا رووها ، فضلاً عن طرقنا ، ما يدلّ على إنّها عليها السلام كانت ساخطة على أبي بكر وعمر ، منكرة لخلافتهم وإمامتهم إلى أن توفّيت عليها السلام ، مع إنّ من مات ولم يبايع أو لم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية وكفر وضلال ، ممّا يدلّ على نفي إمامتهم وخلافتهم ، لكونها مطهّرة في القرآن من كلّ رجس ، وهي سـيدة نساء العالمين ، وأنّ الله يرضى لرضاها ويغضب لغضبها.
والغريب في دعـوى أبي بكر بكون الخمـس والفيء الخاصّ برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وذي القربى صدقة ، فإنّ الناظر على الصدقة الجارية أيضاً هو الوارث لا الأجنبي ، فإنّ ولاية النظارة على الصدقات الجارية أيضاً
____________
(١) صحيح البخاري ٥ / ١٧٧ ، فتح الباري في شرح صحيح البخاري ٧ / ٤٩٣.
(٢) صحيح مسلم : ١٣٨٠ ح ١٧٥٩ ، مسند أحمد ٢ / ٢٤٢ وص ٣٧٦ وص ٤٦٣ ـ ٤٦٤ ؛ وفيـه : عن أبي هريرة ، قال : قال رسـول الله : «لا تقتسـم ورثـتي ديناراً ولادرهماً ، ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤنة عاملي فهو صدقة.
(٣) صحيح ابن حبّان ١٤ / ٥٧٣ ح ٦٦٠٧.