ثمّ لم تريثوا إلاّ ريث أن تسكن نغرتها ، تشربون حسواً ، وتسرون في ارتغاء ، ونصبر منكم على مثل حزّ المُدى ، وأنتم الآن تزعمون أن لا إرث لنا .. (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون) (٢)؟!
ويهاً معشر المهاجرين! أَأُبتـزّ إرث أبي؟! أفي كتاب الله أن ترث أباك ولا أرث أبي؟! لقد جئتَ شيئاً فريّاً .. فدونكها مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك ، فنعم الحكم الله ، والزعيم محمّـد والموعد القيامة ، وعند الساعة يخسر المبطلون و (لكلّ نبإٍ مستقرّ وسوف تعلمون) (٣).
ثمّ انحرفت إلى قبر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وهي تقول :
قد كان بعدك أنبـاء وهنبثة |
|
لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب |
إنّا فقدناك فقد الأرض وابلهـا |
|
واختلّ قومُك فاشهدهم فقد نكبوا |
تجهمتنا رجال واستخفّ بنا |
|
بعد النبيّ وكلّ الخيـر مغتصب |
سيعلم المتولى ظلم حامتنا |
|
يوم القيامة أن سوف ينقـلـب |
فقد لقينا الذي لم يلقه أحد |
|
من البرية لا عجـم ولا عـرب |
وقالت عليها السلام (٤) تجاه الأنصار : معشر البقية ، وأعضاد الملّة ، وحصون الإسـلام! مـا هذه الغميـزة في حقّي ، والسِـنة عن ظلامتي؟! أما كان رسـول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : المرء يُحفظ في ولده؟! سرعان ما أجدبتم فأكديتم ، وعجلان ذا إهانة ، تقولون : مات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم! فخطب جليل استوسع وهيه ، واستنهر فتقه ، وبعد وقته ، وأظلمت الأرض لغيبته ،
____________
(١) سورة آل عمران ٣ : ٨٥.
(٢) سورة المائدة ٥ : ٥٠.
(٣) سورة الأنعام ٦ : ٦٧.
(٤) بلاغات النساء : ١٢ ـ ٢٠.