بجميع المدارك في ذلك الزمان.
لكن لو تمّ هذا بحيث ينفع محلّ النزاع يكون هو الدليل من دون مدخلية الرواية. ثم أطال سلّمه الله تعالى في وجه منع المانع للتجزّي عن حصول العلم للمتجزّي ، ويرجع حاصله إلى ما قدّمنا تحقيقه قريباً ، هذا.
وذكر شيخنا في المسالك أنّه لا يكفي اجتهاد القاضي في بعض الأحكام دون بعض على القول بتجزّي الاجتهاد أيضاً (١). ولم ينقل فيه خلافاً ، وظاهره يعطي الاتفاق على المنع من قضاء المتجزّي.
وينبغي القطع به مع وجود المجتهد المطلق والتمكّن منه ؛ للأمر بالرجوع إلى الأعلم في مقبولة عمر بن حنظلة الطويلة ، ونحوها من أخبار كثيرة (٢).
وما يستفاد من الروايتين من حرمة التحاكم إلى حكّام الجور مجمع عليه بيننا ، وغيرهما من الروايات مستفيضة به بل متواترة جدّاً (٣) ؛ مضافاً إلى الآية الكريمة المذكورة فيها (٤).
ويستفاد منها عدم جواز أخذ شيء بحكمهم وإن كان له حقّا ، وهو في الدين ظاهر ، وفي العين مشكل ، لكن العموم مقتضاهما.
وفي المسالك وغيره (٥) استثنى من الحكم بتخطئة التحاكم إليهم ما لو توقّف حصول حقّه عليه فيجوز ، كما يجوز الاستعانة على تحصيل الحق
__________________
(١) المسالك ٢ : ٣٥١.
(٢) الوسائل ٢٧ : ١٠٦ أبواب صفات القاضي ب ٩.
(٣) الوسائل ٢٧ : ١١ أبواب صفات القاضي ب ١.
(٤) النساء : ٦٠.
(٥) المسالك ٢ : ٣٥٢ ؛ مفاتيح الشرائع ٣ : ٢٤٨ ، كشف اللثام ٢ : ٣٢٠.