بغير القاضي ، قال : والنهي في هذه الأخبار وغيرها محمول على الترافع إليهم اختياراً مع إمكان تحصيل الغرض بأهل الحق ، قال : وقد صرّح به في خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « أيّما رجل كان بينه وبين أخ له مماراة في حق ، فدعاه إلى رجل من إخوانه ليحكم بينه وبينه ، فأبى إلاّ أن يرافعه إلى هؤلاء : كان بمنزلة الذين قال الله عزّ وجل ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ ) (١) » (٢) الآية. انتهى.
وظاهرهما عدم الخلاف حيث لم ينقلاه فيه كالفاضل في المختلف ، لكن في صورة ما إذا كان أحد المتخاصمين محقّاً والآخر مخالفاً ، وأمّا في صورة كونهما محقّين ، فقد نقل القول بمنعهما عن الترافع إلى هؤلاء عن الحلبي ، واعترضه بالمنع من الفرق بين الصورتين ، قال : لأنّ للإنسان أن يأخذ حقّه كيف أمكن ، وكما جاز الترافع مع المخالف إلى المخالف توصّلاً إلى استيفاء الحق ، فليجز مع المؤمن الظالم بمنع الحق (٣).
وهو ظاهر في اعتراف الحلبي بأنّ علّة الجواز حيثما يقول به : هو التوصّل إلى الحق (٤) ، ومرجعها إلى الأدلّة العامة بنفي العسر والضرر (٥) في الشريعة ، وقوله سبحانه ( فَمَنِ اعْتَدى ) الآية (٦).
__________________
(١) النساء : ٦٠.
(٢) الكافي ٧ : ٤١١ / ٢ ، الفقيه ٣ : ٣ / ٥ ، التهذيب ٦ : ٢٢٠ / ٥١٩ ، الوسائل ٢٧ : ١١ أبواب صفات القاضي ب ١ ح ٢.
(٣) المختلف : ٧٠٠.
(٤) الكافي في الفقه : ٤٢٥.
(٥) في « ح » ونسخة في « ب » : الحرج.
(٦) البقرة : ١٩٤.