بالمستوى الذي تحتاج المعرفة فيها إلى سؤال ، بل هي على العكس من ذلك ، واضحة من دون شبهة ، لأنها تمثل الصورة الحسية البارزة للعيان ، مع ملاحظة طبيعية وهي أن السائل هو الله الذي يعلم كل شيء ولكن السؤال كان من أجل أن يكون جسرا يتحرك فيه الحديث الذي يؤدي إلى الحوار.
(قالَ هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها) عند ما يثقلني الجهد ، ويضعفني التعب ، (وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي) أي ، أجعلها وسيلة لإطعامها ، من خلال خبط ورق الشجر وضربه بالعصا ليتساقط على الغنم فيأكله ، (وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى) مثل الدفاع بها عن النفس أو عن الآخرين الذين تتصل مسئوليتي بحياتهم العامة والخاصة أو غير ذلك ..
* * *
اكتشاف المعجزة
(قالَ أَلْقِها يا مُوسى) لتكتشف في ذلك شيئا جديدا لم تكن تتصوره ، (فَأَلْقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى) وكانت هذه أول دلالة لموسى عليهالسلام على أن هناك حدثا يتجاوز المألوف قد دخل حياته. فكيف حدث كل هذا التطور في لحظات ، وكيف تحولت العصا الجامدة اليابسة إلى حياة تتحرك في صورة أفعى؟ وبدأ الخوف الغريزي يدب إلى قلبه من هذه الأفعى التي قد تؤذيه أو تهجم عليه ، (قالَ خُذْها وَلا تَخَفْ) فلن تؤذيك لأن المسألة ليست مسألة حية يراد لها أن تعيش في الأرض كبقية الحيات ، ولكن أريد لها أن تؤدي دورا سريعا ، لتحقق انطباعا معينا ، ولتواجه تحديا ضاغطا ، (سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى) لترجع ، كما كانت ، مجرد عصا جامدة تتوكأ عليها وتهش بها على غنمك وتمارس فيها مآربك الأخرى. وكانت هذه هي العلامة الأولى.
(وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ) أي تحت إبطك ، (تَخْرُجْ بَيْضاءَ) في نقاء