النبوة .. والضعف البشري
وقد نلاحظ في هذه القصة ، أن النبوة لا تتنافي مع الضعف البشرى الذي قد يعيشه النبي ويعترف به ، فيطلب إلى الله أن يقويه بإنسان آخر عليه ، لأداء مهمته كما ينبغي ، مما يوحي بأن الجانب الغيبي لا يتدخل في تضخيم شخصية النبي على حساب بشريته العادية ، بل يترك المسألة للطبيعة البشرية لتتكامل بطريقة عادية ، وهذا ما قد يحتاج إلى مزيد من الدراسة في ما يطلقه علماء الكلام حول صفات النبي ، بأن يكون أعلم الناس وأشجعهم وأكملهم في المطلق. فإن تأكيد القرآن على نقاط الضعف في شخصية الأنبياء ، لا سيما في شخصية موسى عليهالسلام قد توحي بما لا يتفق مع ذلك.
* * *
موسى عليهالسلام في اليم
(وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرى) في ما أراده الله لك من رعاية وعناية ، فقد رعاك بلطفه ومحبته في بداية ولادتك في الوقت الذي كان فرعون يذبح أطفال بني إسرائيل (إِذْ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّكَ ما يُوحى) فألهمناها إلهاما أودعناه في وعيها من هذه الفكرة الغريبة الخطرة التي لا يمكن أن تخطر لها على بال ، لأن الأم لا يمكن أن تدفع عن ولدها الخطر بخطر آخر ، (أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ) وأغلقيه عليه إلا قليلا ، (فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِ) في ماء النهر ، أو البحر ، (فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ) بفعل الأمواج ، أو اندفاع التيار في اتجاه الساحل ، (يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ) وهو فرعون ، فتكون قد وقعت في ما هربت منه. ولكن هذا الوحي الإلهي قد خلق عندها نوعا من الطمأنينة النفسية ، تماما كما يحدث للإنسان عند ما يخضع