بريء. وهكذا تقبل القوم الاقتراح بكل بساطة ، (فَرَجَعْناكَ إِلى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ) لتعود إليها بصفة جديدة ، وهي صفة المرضعة المربية التي تملك حرية التصرف في ظل الرعاية والحماية الرسمية التي تبتعد به عن نقطة الخطر ، وتمنحه إمكانية العيش الرغيد ..
* * *
موسى عليهالسلام في خضم التجربة
ومرت الأيام .. ونشأ موسى قويا في بدنه ، جريئا في موقفه ، شجاعا في حركته ، وجاءت المشكلة التي اصطدم بها بشخص من قوم فرعون فقتله ، وعاش حياة التشرّد من خلال ذلك خوفا من مطالبتهم له بدمه ، (وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْناكَ مِنَ الْغَمِ) الذي كان يثقل صدرك ، في ما كنت تعيشه من قلق وحيرة وخوف ، (وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً) أي واختبرناك اختبارا في ما ابتليناك به من أحداث وأوضاع تثير المشاكل في حياتك ، وتعرضك للأخطار ، وجعلناك تعيش أكثر من تجربة قاسية من أجل أن يشتد عودك ، وتقوى إرادتك ، وينمو عقلك من قلب الأحداث الصعبة.
وتلك هي الفكرة الإيمانية القرآنية التي تعتبر الفتنة التي يفتن بها الإنسان المؤمن في حياته ، في ما يواجه من بلاء وخطر وخوف ، امتحانا واختبارا من أجل التدريب على مواجهة الصعوبات والخروج منها بقوة وسلام ، للوصول إلى النتيجة المطلوبة الحاسمة ، وهي إعداد الإنسان المؤمن القوي الذي لا يواجه الحياة من موقع السهولة والاسترخاء ، بل من موقع الصعوبة والمسؤولية ، ليكون أقدر على حمل الرسالة ، ومواجهة التحديات أمام الأعداء.