حتى ليخيل إليه أنه في مواقع الآلهة ، لا سيما إذا عاش في مجتمع يعيش الانسحاق أمام مظاهر العظمة المادية لدى هؤلاء. ولهذا كان من الضروري للرساليين أن يخططوا في الدعوة ، من أجل تغيير المفهوم المنحرف لدى هؤلاء ، لتتغير القاعدة الفكرية التي ينطلقون منها في ما يفكرون وفي ما يتحركون. ولا بد في هذا المجال من دراسة أفضل الأساليب الفنية للخصائص الفكرية والروحية من أجل تحقيق الاتصال الهادىء الذي ينفذ إلى القلب بمرونة ، بعيدا عن كل عوامل الإثارة القاسية التي تشبه الصدمة القوية المضادة ، لأن الأسلوب هو العنصر الحيوي في تحريك الفكر والشعور ، نحو الارتباط بالقناعات الرسالية ، لأنه هو الذي يهيّئ الجو النفسي للانسجام مع الفكرة في خطواتها العملية ، ولهذا أكد الله سبحانه لهما أن عليهما أن يختارا الأسلوب اللين في الكلمة والجو ، والابتعاد عن طبيعة الإثارة في ذلك (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً) لا خشونة فيه ولا عنف ، ولا إثارة ، (لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ) عند ما يقوده الأسلوب الحكيم إلى التفكير (أَوْ يَخْشى) عند ما تثير فيه الذكرى الخوف أمام قضية المصير في ما ينتظره من عذاب الله.
* * *
أسلوب موسى عليهالسلام في الدعوة إلى الله
وربما يوحي التحدث عن الغاية بكلمة (لَعَلَّهُ) بالترقّب لحصول التذكّر والخشية ، انطلاقا من دراسة طبيعة تأثير الأسلوب في النتيجة ، بعيدا عن الجانب الذاتي الخاص في الشخص المدعو ، فإن الأساليب الرقيقة الهادئة التي تتعامل مع الأشخاص من موقع الدراسة الواعية لكل العوامل المؤثرة في أفكارهم ومشاعرهم ، لا بد أن تؤدي إلى النتائج المرجوة.
وعلى هذا الأساس فإن المسألة لا تخرج عن طبيعتها ، بوجود بعض العوامل المعاندة في حياة هذا الشخص أو ذاك .. لأن المبدأ يبقى قائما في