(قالَ عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى) فكان جوابه ، أن علمها عند الله ، فهو محيط بأشخاصهم وأعمالهم ، فلا يفوته ، منها شيء ، ولا يغيب عنه شيء ، فهو مثبت في كتاب محفوظ واسع شامل ، لدى الله الذي لا يضل عن حقائق الأشياء ولا ينسى ما علمه منها ، لأنها حاضرة لديه حضورا مطلقا ، لا حدود له في كل جوانبها. وهكذا يملك أمرهم وحسابهم من خلال إحاطته المطلقة بكل أمورهم في ما عملوه ، فيحاسبهم على ذلك بشكل دقيق.
ولكن هذا الاحتمال لا يظهر من الآية التي يبدو أنها مسوقة للحديث عن الربوبية وذلك من خلال الاستمرار في هذا الشأن في الآيات التالية المتحدثة عن صفات الله في حركة الخلق في الكون ، في ما يدل على عظمته وتوحيده وليس فيها من حديث المعاد قليل أو كثير ..
* * *
فرعون يثير الأفكار السلبية في مواجهة موسى عليهالسلام
وهناك احتمال آخر وهو أن السؤال متجه للحديث عن تاريخ الأمم الأولى المنقرضة ليصرف موسى عن التكلم عن أصول المعارف الإلهية وإقامة البرهان على صريح الحق في مسائل المبدأ والمعاد ، مما تنكره الوثنية ويشغله بما لا فائدة فيه من تواريخ الأولين وأخبار الماضين ، فكان جواب موسى متعلّقا بإرجاع العلم بها إلى الله ، وأنه من الغيب الذي لا يعلمه إلا علّام الغيوب ..
وهناك احتمال آخر ، يقرب من هذا الاحتمال ، ولكنه يتجه اتجاها آخر ، وهو أن فرعون أراد إثارة موضوع القرون الأولى ليثير الأجواء السلبية حول