بإرادة الله فكيف تجحدونه ، وكيف تتمردون عليه ، وكيف تواجهون الحياة بعيدا عنه؟
* * *
فرعون يأبى الحقّ
.. وهكذا كان جواب موسى حاسما في تجسيد عظمة الله في أفكار فرعون وقومه بالتفكير الهادىء ، والعرض الموضوعي ، والاستعداد للامتداد بالحوار في جو تتحرك فيه المعجزة بطريقة أو بأخرى ، مما جعل فرعون يشعر بالرهبة في هذه القوة الجديدة التي تواجهه ، (وَلَقَدْ أَرَيْناهُ آياتِنا كُلَّها) في ما قدمه إليه موسى من آيات الله التي تدل على صدقه في نبوته ، (فَكَذَّبَ وَأَبى) كأمثاله من الطغاة الذين يعتبرون امتيازاتهم فوق كل منطق ، وفوق كل حقيقة ، ولهذا فإنهم لا يوافقون على الدخول في حوار حول قناعاتهم وأوضاعهم ، لأنهم لا يريدون تغييرها ، إذ قد يفقدون معها مكاسبهم الذاتية ومواقعهم الطغيانية. ومن هنا فإنهم يمتنعون عن القبول بالطروحات الفكرية المضادة ، بل يبادرون إلى رفضها من غير تبرير ، ويحاولون إثارة الشكوك حولها وحول الدعاة الذين يقدمونها ويدعون إليها. وهكذا فعل فرعون في مواجهته لموسى عليهالسلام في أسلوب من أساليب الإثارة لمن حوله ، ليقفوا في وجه موسى بطريقة عدوانية على أساس الدفاع عن وجودهم في أرضهم التي يخيل إليهم أن موسى يريد اقتلاعهم منها ، وإبعادهم عنها بسحره.
(قالَ أَجِئْتَنا لِتُخْرِجَنا مِنْ أَرْضِنا بِسِحْرِكَ يا مُوسى) وهذا هو الأسلوب الذي يستهدف إبعاد المسألة عن نطاقها الفكري الإيماني الذي يريد أن يحرك العقول نحو اكتشاف الحقيقة بالدخول في حوار حولها ، ليضعها في نطاق السحر الذي كان مألوفا عندهم في ما كان يستعمله السحرة من الأعيب وأوضاع يسحرون بها أعين الناس ، مما لا يرقى في نفوس الناس إلى مستوى القداسة ، بل