يعلّمونه للناس. وبدأوا يستذكرون كلامه عن الله وعن الإيمان به ، وعما ينتظره المفترون عليه من العذاب ، وبدأت عملية المقارنة بين ما سمعوه منه في البداية ، وما رأوه الآن ، فآمنوا بأن هذا الرجل رسول من الله وليس ساحرا مثلهم ، وتعاظم شعورهم بالإيمان ، وبالمستقبل وبالمصير ، وأعلنوا الموقف بشكل مفاجئ سريع.
* * *
سجود السحرة وإيمانهم
(فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً) أمام هذه الآية الواضحة العظيمة الدالة على أنها من عند الله ، لا من البشر ، (قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى) وكفرنا بفرعون وبما يأمرنا به من عبادة غير الله.
وفوجئ الطاغية الجبار ، وأسقط في يديه ، فقد أراد أن يسخر من موسى بإظهار ضعفه أمام قوة السحرة ، ليدفع الناس بعيدا عنه من خلال ذلك. لقد أراد أن يربح الشوط على موسى في ساحة المعركة ، فإذا بموسى يربح المعركة كلها عليه ، وها هو يفقد قوته أمام الشعب كله ، ويخشى أن يفقد موقعه الألوهي أو الملكي على الأقل ، فيتحرر العبيد من هذا الشعب ، ويتجرأ السادة الأحرار عليه.
ولهذا أراد أن يقوم بعملية استعراض للسلطنة أمام هؤلاء السحرة الذين أعلنوا إيمانهم قبل أن يستأذنوه ، فهو كان يعتقد أن كل شيء لا بد أن يمر بساحته وأن يحظى بموافقته ، لأنه يملك الفكر والإنسان والحياة ، فلا بد أن يمنح الإذن الرسمي للمؤمنين ليكون إيمانهم شرعيا قانونيا ، وإلا فقد صفته الشرعية ، واستحق على ذلك العقاب الأليم!
* * *