يستقبله ، ولا تملك من الأمر ما يملكه. ولذلك لم يكن لك أي دور في حركة الصراع مع فرعون إلا من خلال حضورك السلبي مع موسى ، فأترك الأمر لموسى ليتدبره معناه ، ولنتدبره معه ريثما يعود.
ولم يقصّر هارون في الدعوة والإرشاد ، ولكنه لم يكن عنيفا معهم كما كان أسلوب موسى القائم على العنف والشدة ، لأنهم اعتادوا ، في ما يبدو ، على أن يطيعوا الأوامر الصادرة إليهم من القوي في حسابات الرهبة المرتكزة على مواقع القوة ، ومركز السلطة. ولم يركزوا حياتهم على أساس الفكر والتحليل والتأمّل ، فهم أقرب إلى المجتمع الذي ينفذ التعليمات من المجتمع الذي يحلل الأفكار والمواقف ، تماما ككل الشعوب التي تعيش مدة طويلة تحت الحكم الظالم الطاغي الذي يربّيها على أساس الطاعة المنفعة بالسوط الذي يسلطه على رؤوسهم ، والضغط الذي يمارسه على وجودهم وكان موسى ينتظر من هرون أن يكون حاسما في مثل هذه المسائل ، لأن المسألة لا تتصل بالقضايا الجزئية الإجرائية ، بل تتصل بالقاعدة التي ترتكز عليها الرسالة في مفاهيمها الأصيلة الأولى ، ولهذا فقد كان رد فعله تجاه أخيه قاسيا.
* * *
معاتبة موسى عليهالسلام لهارون
(قالَ يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي) لقد طلبت منك أن تصلح أمرهم ، وكنت تعرف ما هو الأسلوب الأفضل في عملية الإصلاح من خلال التجربة المشتركة التي خضناها معهم في حركة الرسالة ، فما الشيء الذي منعك أو دعاك لأن لا تتبعني في طريقتي أو في أسلوبي؟ أفعصيت أمري الذي طلبت منك فيه أن تخلفني في قومي ، فتكون مكاني حتى كأني موجود بينهم؟ (قالَ يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي) إنى أناشدك الأم التي