الرَّحْمنُ) في الشفاعة فأراد الله أن يكرمه بها ليجعل له الكرامة باستنقاذ من يريد الله أن ينقذه من النار ، ويرحمه برحمته ، وذلك هو الذي رضى الله قوله في ما يعبر عنه القول من العقيدة الصافية الحقة ، والروح الراضية المرضية ، والعمل الخالص الذي يتحرك في رضا الله من خلال وعي الإيمان ، وطهر الإخلاص.
* * *
تقرير مبدأ الشفاعة
وفي ضوء هذه الآية نستفيد تقرير مبدأ الشفاعة التي تأكّد وجودها لدى بعض الأشخاص المقربين الى الله ، ولكن من خلال إعطاء الله له ذلك فيكون القصد والتوجه لله في المسألة لا للشخص ، لأنه لا يملك من أمر الشفاعة شيئا في نفسه. وذلك هو الحد الفاصل بين الاستغراق في الشخص من خلال الاستغراق في ذاته ، وبين الاستغراق في الله على أساس الكرامة التي يمنحها لبعض عباده في شفاعتهم للآخرين استجابة لإرادة الله له في ذلك ، وهذا ما يعطي للعقيدة صفاءها فلا يطلب أحد من مخلوق شيئا ، بل يكون الطلب كله لله ، والقصد إليه في كل شيء حتى في الشفاعة التي لا يملكها أحد إلّا بإذنه ..
* * *
جزاء الله لعباده
(يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً) لأنه هو الخالق لهم المحيط بهم في ما يخفون من أمرهم مما يسرونه ، أو في ما يظهرونه منه مما يعلنونه ، فهم مكشوفون أمامه بكل دقائق وجودهم ، ولكنهم لا يحيطون به علما ، لأنهم محدودون في عمرهم وفي تجربتهم وفي آفاق إدراكهم ، فلا يعلمون إلا بما أراد لهم أن يعلموه ، ولا يحيطون إلا بما أراد لهم أن يحيطوا به