ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى) [آل عمران : ١٩٥](فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ) [الزلزلة : ٧]. وهكذا يواجه كل واحد مسئوليته في الدائرة الإيجابية ، وفي الدائرة السلبية على مستوى الثواب والعقاب.
* * *
القرآن ... العربي
(وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا) ليفهمه الذين انطلق القرآن من قاعدتهم ، فكانوا الأمة التي استقبلت الإسلام بوعيها وروحها ووجدانها ، وحملته في أفكارها عقيدة ورسالة ، ومنهج حياة ، وشريعة حركة ، ومصير إنسان ، ليتحرك ـ من خلالها ـ إلى الأمم الأخرى في حركة الدعوة وفي خط الجهاد ، (وَصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ) فيما اشتمل عليه من تنويع الأسلوب ، وانتقاله من حال إلى حال من أجل أن ينفتح الناس على الخوف القادم من آفاق المستقبل الذي يحرك في النفس بعضا من قلق ، ولونا من ارتباك ، ولكن ، لا لينسحق الإنسان في إرادته التي يسقطها الخوف ، بل ليرتفع في التزامه ودرجة انضباطه في حساب المصير المستقبلي من خلال تطلعات الخوف في ساحات الواقع ، ليتحرك فيه حسّ المسؤولية في ما يريد أن يفعل أو يترك ، ليؤكد الخطة في حياته من موقع دراسة واعية للمستقبل في خط الأمان ، (لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) فينضبطون أمام أوامر الله ونواهيه ، (أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً) فيتذكرون الحقائق الكامنة في فطرتهم التي حجبها الضباب القادم من قلب الشهوات والمطامع والأحقاد ، وينطلقون من خلال ذلك ، للسير مع الله في خط مستقيم جديد.
(فَتَعالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُ) الذي يملك الكون كله والإنسان كله ، فلا يقترب من ساحة قدسه أحد ، ولا يبلغ عمق حكمته مخلوق ، ولا ينتقص من قوته وقدرته شيء ، فهو الذي يحبّ ويخاف ويرجى ، وهو الذي يستحق العبادة والطاعة من كل مخلوقاته.