الدعوة والتبليغ ، وينقسم الرأي في إعطاء معقولية لدوره كرسول ، فمنهم من ينكرها لفقدان المجتمع الذي يمكن أن يشكل ساحة للدعوة ، ومنهم من يثبتها لأن فعليتها ، أي ممارسة الدور فيها ستتحدد في المستقبل بعد أن يتحول الجيل الجديد إلى مجتمع يبحث عن القاعدة الفكرية الروحية ، لقيام بنائه.
وهكذا أثارت هذه الآية الكثير من الحديث عن جانب العصمة لدى الأنبياء بشكل عام من خلال الإيمان بنبوة آدم ، وعن نبوة آدم بالذات في ما ألمحنا إليه مما لا نجد كبير فائدة في الدخول في تفاصيله في هذا البحث التفسيري. ولكننا نستفيد منها نقطتين :
الأولى : إن النبوة تلتقي بمواقع الضعف البشري في أكثر من موقع ، ولا تفرض الكمال الذي يبتعد عن طبيعته البشرية.
الثانية : إن القرآن لا يريد أن يعطي النبي هالة مقدسة في مجال التصور ، بل يريد أن يدفع بالتصور إلى أن يتحرك بشكل طبيعي في فهم الشخصية من خلال البعد الظاهري الذي يكشف عن العمق الداخلي ، عبر الوسائل العادية التي يملكها الناس في معرفة عمق الأشياء من خلال ظواهرها.
الله ينوب على آدم عليهالسلام
(ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ) واصطفاه إليه واختاره لنفسه ، فلم يتركه حائرا ضائعا في قبضة إبليس ، (فَتابَ عَلَيْهِ) ورضي عنه ، (وَهَدى) وفتح له أبواب رحمته ، ودله على الطريق المستقيم ، وأراده أن يواجه الحياة من مواقع قوة الإرادة في ساحة الصراع مع الشيطان ، ولعلّ الله سبحانه أراد أن يجعل له من تجربة العصيان في الجنة ، فترة تدريبية للتعرف على طرق وأساليب الشيطان من الكذب والغش والدجل والخيانة والرياء ، وذلك قبل أن ينزل إلى الأرض التي