يجعلك راضيا بكل شيء يحدث لك من حلو الحياة ومرها ، وبؤسها ونعيمها ، وسعادتها وشقائها ، لأن ذلك لا يمثل مشكلة للمؤمن ما دام يتحرك في محبة الله ورضاه.
* * *
القناعة بقسمة الله ونعمته
(وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ) فقد يغفل القلب فيستغرق في الأجواء المحيطة به ، وقد يسرح البصر فينشغل بالزخارف والمباهج التي تمتد أمامه ، فتتحرك العينان في قلبه ، وفي وجهه .. لتتلهيا بما أغدقه الله على هؤلاء الطغاة ، أو غيرهم ، من مال وجاه وبنين وشهوات ، يؤدي إلى الانبهار بالدنيا المحيطة بهم ، والمتحركة في أوساطهم ، فيتمنى الإنسان لنفسه ما قسمه الله لغيره ، ويشعر بالحسرة إذا لم يحصل على ما حصلوا عليه فيندفع للاعتداء على الآخرين بهدف الحصول على ما يريد ولو بطريقة غير شرعية ، فينحرف عن الخط المستقيم ، وينزلق إلى مهاوي الدنيا ومغرياتها. ولكن الدنيا زائلة مهما كبرت واتسعت وامتدت ، لأن زخارفها زينة ليس إلّا ، وهي لا ترفع شأنا ولا تضع وزرا ، بل هي شيء يحلو للنظر فينبهر به ، أو هي شيء يتوهّج ويشتعل ويلتهب ، ثم يخبو تدريجيا ويتحول إلى رماد. ولهذا فإن على الإنسان المؤمن ألّا يتعلق بها إن أقبلت أو يتحسر عليها إن أدبرت ، بل يراها على حقيقتها كظاهرة طارئة فانية مستهلكة زائلة ، وزعها الله على عباده تبعا لحكمته وبحسب مقادير الأشياء في الكون على كل المستويات.
(وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى) بما يهيئه لك من رزق الدنيا والآخرة ، فهو الأقرب إلى صلاحك في الدنيا في ما يصلح لك فيه أمر حياتك ، وهو الأقرب إلى