يناقشون قضاياه بطريقة هادئة علمية ، بل يواجهونها بطريقة انفعالية لا تستريح للهدوء الفكري في مناقشة الأمور.
ولو أرادوا الإيمان لأمكن لهم أن يكتشفوا في القرآن ، من خلال براهينه الواضحة ، وآياته وأساليبه ، ما يمكن أن يقودهم إلى الإيمان من أقرب طريق. وهم لم يكونوا بدعا من طلبهم المعجزة الخارقة ، بل كانوا كالكافرين الذين تقدموهم ، فقد طلبوا من رسلهم المعجزات حتى إذا جاءتهم رفضوا الإيمان بهم ، وقالوا عنها إنها سحر ، كما قال هؤلاء عن القرآن إنه سحر ، وتحدثوا عن البشرية كعنصر مضاد للنبوة ، كما يتحدث هؤلاء. فما الفائدة بعد ذلك من إنزال المعجزة ، ما دام الهدف الذي تؤكده لا يحصل منها وما دام هناك أكثر من طريق تقوم به الحجة على الناس؟
* * *
نماذج حيّة
(ما آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ) طلبت ما طلبوا ، واستجاب الله لها حتى إذا لم يتحقق منها الوفاء بما وعدت ، (أَهْلَكْناها أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ) وهم يشابهونهم في العناد والاستكبار ومواجهة الأمور الحيوية بطريقة اللامبالاة. (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلَّا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ) فهل يكون الرسول الذي يرسله الله الآن ، إلّا كمثل الرسل الذين أرسلهم الله قبلك ، (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) من العلماء بالكتاب الذي أنزل على النبيين ، ممن تعتمدون عليهم ، في علمهم واطلاعهم ومعرفتهم بالرسالات ، فذلك هو سبيل العلم بما يجهله الناس ، وذلك بالرجوع إلى أهل الخبرة في ما يختلفون فيه ليكونوا الحكم الذي يحسم الخلاف ؛ وستجدون أن كل هؤلاء متفقون على أن أنبياء الله لم يكونوا ملائكة ، ولا طينة مميزة عن البشر ، بل كانوا بشرا كبقية البشر في حياتهم وموتهم ، وضعفهم وقوتهم ، فلم تنقل لنا أية حقبة زمنية من التاريخ نبيا ليس ببشر ..