المنحرفة المتخلفة التي كان يعيشها الناس في عهد الدعوة الإسلامية ، ويواجهها الدعاة إلى الله في كل زمان ومكان في مجتمعاتهم المتخلفة.
* * *
غاية الخلق
(وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ) إنه النموذج الأمثل على الجد الذي لا جدّ مثله ، وعلى الحكمة التي تمتد إلى كل خصوصيات الأشياء ، وتنفذ في أعماقها ، حتى تجد أن هناك خطة دقيقة لهندسة الكون من بدايته إلى نهايته ، في استقراره واهتزازه ، وفي ضعفه وقوته ، وفي نموّه وتطوّره ، في الظواهر الكونية ، والاجتماعية ، في ارتفاع المجتمع وسقوطه ، وفي الحالات النفسية التي تحكم حركة الإنسان الداخلية وفي تأثّره بما حوله من الكائنات الحية والجامدة. وهكذا يجد المفكر الباحث في داخل وجدانه ، إحساسا عميقا بأن وراء كل شيء في الوجود سرّا وحكمة ، ولذا فإن المشكلة المطروحة لديه ليست هي البحث عمّا إذا كانت الحياة خاضعة لحكمة أو أنها مرتكزة على أساس الصدفة أو الفوضى ، بل المشكلة هي في اكتشافه نوعية الحكمة ، وطبيعة السرّ ، بعد أن كان وجوده من بديهيات الكون ، من ناحية المبدأ.
ولهذا فإن القضية التي تتحدث عنها الآية تتحرك لتأكيد نفسها في الوجدان العميق ، في خطين :
الأول : هو استحالة نسبة اللعب إلى الله لأنه لا يتناسب مع حكمته ، ولا يليق بجلاله ، ولا معنى له ، إذ يمثل اللعب حاجة ذاتية لملء الفراغ والحصول على الراحة النفسية مما لا يتناسب مع عظمته ـ سبحانه ـ وغناه المطلق عن كل شيء ، وتنزيهه عن كل نقاط الضعف مهما صغرت.
الثاني : هو الدراسة الدقيقة للظواهر العامة في الكون والحياة والإنسان