والتقوى ، واجتباهم لرسالته ولدينه.
(إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيًّا) في ما يمثله السجود من خضوع لله في الشعور العميق بالعبودية ، وفي ما يعتبر عنه البكاء من إحساس بالروحية الفيّاضة الخاشعة أمام خوف الله ، ومحبته في انفعال إيماني عميق بالمضمون الروحي لآيات الله ، والإشراق الفكري لمعانيها. وهكذا كان هؤلاء الروّاد طليعة البشرية في حركة التسامي والعلاء ، والصفاء الروحي ، والإسلام لله ، ولكن الجيل الآتي من بعدهم ، لم ينفعل بهم ، ولم يسلك طريقهم ، ولم يحمل رسالتهم ، ولم يتحمل مسئوليتهم ، بل كان سائرا في خط الانحراف.
(فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ) والخلف بالسكون هو البديل السيّئ ، وبالتحريك البديل الصالح ـ كما يقال ـ ، (أَضاعُوا الصَّلاةَ) لأنهم لم ينفتحوا على ما تحمله من سر الاعتراف بالعبودية ، وعمق الإيمان بالله ، ومعني العروج الروحي عبرها إليه ، (وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ) في ما تأمرهم به أهواؤهم المنحرفة ، وتقودهم إليه أحلامهم المائعة ، بعيدا عن خط الاستقامة ، (فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) في ما يلاقونه من جزاء الغي مجسّدا في عذاب الله. وهؤلاء ، هم الذين امتدوا بالغي والانحراف حتى جاءهم أمر الله وهم كافرون.
* * *
الجنة سلام
(إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً) وعاش خط الاستقامة في العقيدة والعمل ، (فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ) جزاء لما قدموه من إيمان وعمل ، (وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً) من ذلك كله لأن الله لا يضيع عمل عامل منكم من ذكر وأنثى ، (جَنَّاتِ عَدْنٍ) أي إقامة الخالدة في الجنة ، (الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ بِالْغَيْبِ) الذي يعيشونه من وحي الإيمان فيؤمنون به وإن لم يروه ، (إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا)