الإنسان أمام فكرة البعث ...
وهذا حديث حول فكرة البعث التي يستبعدها الذهن البشري ، لأنها تتصل بغير المألوف في قناعاته الفكرية ، (وَيَقُولُ الْإِنْسانُ أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا) وهل يتحول الجماد إلى حياة؟ نعم ، إذ لو قارن الإنسان بين بداية الخلق ونهايته ، وكيف وجد ، (أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً) فإن هذا التذكر يفتح أمامه حركة الفكر في الاتجاه السليم. فإذا كان الله يمنح الوجود للأشياء من قلب العدم ، فكيف لا يستطيع أن يعيده إليها بعد الموت؟ وذلك هو الفرق بين الإنسان الذي يفكر في القضايا في ملامحها السطحية ، وبين الإنسان الذي يفكر في العمق الكامن في خلفياتها الداخلية ، وملامحها الإيحائية.
* * *
الكافرون يحشرون مع الشياطين
(فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّياطِينَ) لأنهم كانوا يعيشون الولاية لهم ، باتباعهم لأوامرهم ، والعمل بما يريدون ، وجاء يوم القيامة ليواجهوا الموقف على أساس وحدة مصير التابعين والمتبوعين ، (ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا) في جلسة ذليلة وهم باركون على الرّكب. وربما يفسر الجثو بمعنى المجتمع من التراب والحجارة ، ليكون ذلك كناية عن إحضارهم زمرا وجماعات متراكما بعضهم فوق بعض ، كما ورد عن ابن عباس. (ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ) ممن يتعاونون على أمر واحد ، أو ينطلقون في عقيدة واحدة (أَيُّهُمْ أَشَدُّ