وموقع ، ومجتمع يتميز بدرجاته العليا ، وامتيازاته الرفيعة.
إنهم يتساءلون بهذه الطريقة ليتطلع المؤمنون إلى ما حولهم ، ليقارنوا بين مجتمع المؤمنين في بؤسه ، وضعفه ، وجهده ، ومشاكله ، وضيقه ، وبين مجتمع الكافرين في سعادته الفائضة بالسرور ، وفي قوته ، وراحته ، وسعته ، ورخاء العيش فيه ، فيتبدى لهم أن الإيمان لا يطعم أصحابه خبزا ، ولا يحقق لهم سعادة في الحياة الدنيا ، ليعرفوا أن الحق في جانب الكافرين لا في جانبهم. ولكن الله يريد للإنسان أن ينفذ إلى عمق الأمور بعيدا عن سطحها ، وإلى نهاياتها من دون الاقتصار على بداياتها. وهكذا أراد له أن يلتفت إلى أن الدنيا ليست نهاية المطاف في وجوده ، فهناك آخرة تحمل في ساحاتها النتائج الحاسمة لعمله في الدنيا في ما يلتزمه من خطوط الخير والشر ، والحق والباطل ... فهناك عالم السعادة الذي يمثل العمق في حركة السعادة في وجوده ، وهناك عالم الشقاء الحقيقي الذي لا سعادة معه. وبذلك لا تكون القيمة هي في ما يحصل عليه الإنسان في الدنيا لأنها ستزول عنه ، وتزول معها كل مظاهر السعادة فيها.
* * *
مصير الضالين المضلين
(وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ) وهم الجماعات المقترنون في زمن واحد ، (هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً) في ما يمثله ذلك من متاع ، (وَرِءْياً) في ما يمثله من حسن المنظر مما أوتيه الإنسان من جمال الحياة الدنيا. فأين ذلك كله؟ وأين أولئك الذين كانوا يعيشون متاعه وجماله؟! (قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ) باختياره لنفسه الطريق الفكري والعملي الذي لا يتحرك في خط الهدى ، بل يعيش أجواء الضياع ، (فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا) في ما اقتضته حكمته من إعطائه الفرص الكثيرة التي تتيح له أن يأخذ بكل أسباب الراحة والرخاء في العيش والحياة ، مما