مدخل عام للسورة
تثير هذه السورة في آياتها العمق الإنساني للنفس البشرية لمواجهة مسألة المصير الأخروي من مواقع الاهتمام والجدية ، ومسألة الواقع الدنيوي من موقع المسؤولية. وذلك من خلال توجيه القلب والعقل والوجدان للقرآن الذي هو الكتاب الإلهي الذي أنزله الله على قلب رسوله ، ليدعو به الناس إلى تعاليمه بطريقة متوازنة واقعية ، لا تصل إلى مستوى الإجهاد الذي يشقي البدن ، في وقت يريد الله القرآن تذكرة للذين يخشون ربهم ويخافون سوء الحساب ..
ثم تنطلق السورة لتثير أمام القلب البشري التصور الإسلامي القرآني عن الله ، ليبقى الإنسان ، من خلال التصور الشامل العميق ، واعيا لمسؤوليته في إحساسه بالحضور الإلهي الذي (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى * وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى) [طه : ٦ ـ ٧].
ثم تنفتح على الرسالة في شخصية الرسول ، فتلتقي بالنبي موسى عليهالسلام في دعوته إلى الله ومعاناته في سبيل ذلك ، وفي حركته القوية التي تصدم الواقع الطاغي ، بالكلمة والأسلوب والموقف ، وفي حيوته شخصيته التي تتميز بالإخلاص والتواضع والعفوية الرسالية ، والقوة المتحركة في أكثر من اتجاه .. وهكذا تتنوع الصور والمواقف وتطل من خلالها على قومه وكيف واجهوه من موقع التخلّف الفكري ، ليزيد ذلك من التذكير بخشية الله ، والانفتاح على تعاليمه وآياته.