الله يهوّن على نبيّه
(طه) من الحروف المقطعة التي تبدأ بها أوائل السور ، وقد تقدم الحديث عنها في أول سورة البقرة ، وهناك احتمال أن تكون كلمة مستقلة ، مقصود ، بها اسما للنبي ، أو للرجل ، أو لتكون فعل أمر بلغة طيئ ، بمعنى طأ الأرض بقدمك ، أو لتكون اسما لله ، ولم يثبت ذلك بحجة مقنعة ، والتحقق من ذلك لا يفيدنا في منهجنا التفسيري ، فليطلب ذلك من المطولات.
(ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى) ربما كانت خطابا للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى لا يثقل نفسه بالمزيد من الجهد الذي قد يفوق الطاقة أثناء تأدية الرسالة ، أو لئلا يعيش الحالة النفسية الصعبة في مواجهة الجحود والنكران الذي كان يقابل به من قبل الكفار والمشركين ، حيث كان يتألم ويتحسّر. وقد يطلق الشقاء على التعب ، وقد يطلق على الحالة النفسية التي يتسبب بها الواقع المعقد.
وقد وردت بعض الروايات التي تفسير الشقاء بالتعب في العبادة ، فقد جاء في تفسير القمّي بإسناده عن أبي بصير عن أبي جعفر «الباقر» عليهالسلام وأبي عبد الله «الصادق» عليهالسلام قالا : «كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا صلّى قام على أصابع رجليه حتى تتورم ، فأنزل الله تعالى (طه) بلغة يا محمد (ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى * إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى) (١)». ورواه جماعة عن ابن عباس ، كما في الدر المنثور (٢). إذا صحت هذه الروايات فيمكن أن يكون هذا المورد ، من بين موارد التعب الذي كان يعيشه النبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم في مجال الممارسة ، كما هو في مجال الدعوة ، لأن سياق الآية الأخرى ، يوحي بأن المسألة المطروحة هي الجحود الذي كان يقابل به بالرغم من كل جهوده ومعاناته ، فجاءت الآية
__________________
(١) نقلا عن تفسير الميزان ، ج : ١٤ ، ص : ١٢٥.
(٢) انظر : الدر المنثور ، ج : ٥ ، ص : ٥٤٩.