يعيش اللامبالاة أمام كل قضايا الفكر والإيمان ، ولذلك فإن التذكير لا يحقق له أي شيء أمام الجمود الفكري المتحجر الذي يعيش في داخله.
(تَنْزِيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى) وإذا كان الله هو الذي أنزل القرآن وهو خالق السماوات والأرض ، فإن ذلك يعني أنه قد تنزل ممن يملك القوة كلها ، ويسيطر على الكون كله ، ويحيط بكل ما فيه مما يصلح أمر الكون والحياة والإنسان ، مما يعطي للقرآن ، في مفاهيمه وتشريعاته ومناهجه عمق الحقيقة ، وقوة الموقع ، وثبات الخلود ، ويجعل الإنسان يستريح لكل ما فيه في طمأنينة روحية وفكرية راضية.
* * *
(الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى)
(الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) وتأتي كلمة الرحمن لتخفف من تأثير الصفة العظيمة التي تضغط على المشاعر ، في ما توحي به من رهبة وروعة وقوة ، عند ما يقف الإنسان أمام خالق السماوات والأرض ، لتكون صفة الرحمة موحية بالانفتاح الحميم على الله ، بحيث يحس الإنسان أمام الله بالقرب من رحمة الله ولطفه ورضوانه.
والاستواء على العرش ، كناية عن الاستيلاء على السلطة ، في ما تمثله كلمة العرش من الموقع الأرفع والمقام الأعلى الذي يجلس عليه صاحب السلطان ليحكم من خلاله ، وهذا رمز للملك. وهذا المعنى ليس مقصودا بذاته في معناه المادي حتى بالنسبة إلى صاحب الملك في الدنيا ، فإذا قيل إن الملك قد جلس على العرش ، فإنهم يريدون به استيلاءه على السلطة ، كما أن ذلك مستحيل بالنسبة إلى الله ، باعتبار أنه ليس كمثله شيء ، فلا يمكن أن يكون