وينتمي إليهم ، أو من يتحرك في دوائرهم الفكرية والعملية ، وفي كل الأماكن التي يتخذها الإنسان مواقع ثابتة أو متحركة لمشاريعه ولأوضاعه العامة والخاصة ، ليكون ذلك كله مع الله في دائرة معينة يمثلها بيته ، وله في العبادة التي يخلص فيها الإنسان لربه تماما كما هو الطواف بالبيت. (وَالْقائِمِينَ) الذين يقومون لله في صلاتهم ، كرمز للقيام بين يديه في طاعتهم له في كل شيء ، فهم يقومون له منتظرين أوامره ونواهيه ليطيعوها ، وليخلصوا إليه الطاعة فيها وفي كل شيء ، (وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) الذين يتعبّدون له في ركوعهم وسجودهم ، في ما يمثله الركوع والسجود من انحناء الإنسان أمام الله بجسده وانسحاقه أمامه بجبهته ، كرمز لانحناء كل حياته أمام إرادته ، بعيدا عن الخضوع الكامل بكل أشكاله وبكل معانيه.
فإذا استكملت البيت ـ يا إبراهيم ـ وأتممت بناءه وإعداده على قاعدة الطهر والتوحيد ، فإن هناك مهمّة أخرى تنتظرك ، وهي الإعلان عن الحجّ ودعوة الناس إليه ، لتكون لهذا البيت خصوصية عبادية تختلف عن سائر بيوت الله ، وليمثل الاتحاد البشريّ في الحياة ، باعتباره البيت العالمي الذي يلتقي فيه الناس جميعا من كل الأجناس والألوان ، على عبادة الله ، ليعيشوا وحدة الإنسانية من خلال وحدة الموقع الذي يقدسونه ويتعبدون فيه ، ووحدة العبادة ، كرمز للإخلاص في إيمانهم بوحدة الله ..
* * *
وأذّن في الناس بالحجّ
(وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِ) وأعلن ذلك في كل نداءاتك ، كتشريع تقرّره وتثبته ، لا مجرد صوت تطلقه ، ليشعروا ـ من خلال ذلك ـ بأن هناك إلزاما إلهيّا يدفعهم إلى الامتثال ، ويقودهم إلى الطاعة ، ف (يَأْتُوكَ رِجالاً) راجلين